تقرير أممي يكشف تآكل الشرعية باليمن وتدفق صواريخ إيران على الحوثيين
الخميس 18 يناير 2018 الساعة 18:10

مراقبون برس- وكالة الاناضول التركية


 قال تقرير للأمم المتحدة إن سلطة الحكومة الشرعية في اليمن، تآكلت إلى مرحلة الشك في قدرتها على توحيد البلاد، وأدان إيران بعدم الالتزام بمنع توريد الصواريخ الباليستية إلى حليفتها جماعة “أنصار الله” (الحوثيون).
وأعد فريق خبراء تابع للمنظمة الدولية، بين يومي 1 يناير/ كانون ثانٍ و31 ديسمبر/ كانون أول الماضيين، تقريراً شاملاً عن اليمن، من المقرر أن يقدمه إلى مجلس الأمن الدولي، مطلع فبراير/ شباط المقبل.
وتطرق التقرير، إلى سلطة الحكومة الشرعية في مناطق سيطرتها جنوبي وشرقي اليمن، وكذلك مناطق سيطرة الحوثيين، والأحداث الأخيرة التي شهدتها صنعاء، وأسفرت عن مقتل الرئيس اليمني السابق، علي صالح (1978-2012)، إضافة إلى إطلاق الحوثيين صواريخ على السعودية.
تآكل سلطة “الشرعية”
التقرير خلص إلى أنه بعد مضي ثلاثة أعوام من النزاع فإن سلطة الحكومة الشرعية تآكلت إلى مرحلة الشك في قدرتها على توحيد اليمن، موضحاً أن فريق الخبراء بنى هذا الاستنتاج على أربعة عوامل، على رأسها: “عدم قدرة الرئيس (اليمني عبد ربه منصور) هادي على فرض سيطرته من الخارج على كامل الأراضي المحررة”.
والعوامل الأخرى هي: “تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي أعلن أن هدفه هو استقلال الجنوب”، و”استمرار تواجد الحوثيين في صنعاء وغالبية المناطق في الشمال”، وكذلك “انتشار القوات العسكرية بالوكالة، التي يتم تمويلها وتسليحها من أعضاء في التحالف (العربي) بقيادة (الجارة) السعودية (الداعم للحكومة الشرعية)، والذين لهم أهداف خاصة على الأرض”.
ووفق التقرير فإنه بدلاً من وجود دولة واحدة، توجد دويلات تحارب بعضها البعض، ولا أحد منها يمتلك الدعم السياسي أو القوة العسكرية لتوحيد الدولة أو تحقيق الانتصار في ساحة المعركة.
وأوضح أن الحوثيين يعملون في الشمال على تعزيز سيطرتهم على صنعاء، بعد حرب الشوارع التي استمرت خمسة أيام في(ديسمبر/ كانون أول الماضي)، وانتهت بمقتل (حليفهم) الرئيس السابق صالح، ولكما طالت فترة سيطرة الحوثيين كلما ترسخ وضعهم.
وفي جنوب اليمن، بحسب التقرير، أصيب حكومة هادي بالضعف؛ بسبب انشقاق عدد من المحافظين وانضمامهم إلى المجلس الانتقالي الجنوبي، حيث أصبحت مسألة انفصال الجنوب “احتمالية حقيقة”.
معركة معقدة.. وقائمة عقوبات
يرى فريق الخبراء الأممين أن ديناميكية ساحة المعركة في اليمن تزداد تعقيداً، ولم يشهد عام 2017 أي تقدم نحو تسوية سلمية للأزمة، بل إن العملية السياسية توقفت، ويؤمن كل طرف في النزاع بأنه يستطيع تحقيق انتصار عسكري من شأنه إلغاء الحاجة إلى التوصل لتسوية سياسية.
وكشف التقرير أن الحوثيين يمنعون المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، من زيارة صنعاء بعد الهجوم عليه في صنعاء، يوم 25 مايو/ أيار الماضي، ويرفضون التعاطي مع أي من مقترحاته.
وبشأن صالح قال التقرير إنه كان يبدو في بداية الانشقاق عن الحوثيين “وكأنه كان يتمتع باليد العليا، لكن عبد الله يحيي الحاكم (أبو علي الحاكم) ومحمد علي الحوثي (قياديين حوثيين حوثيان) كانا محوريين في عزل صالح عن القبائل.
وخلص التقرير إلى أن محمد علي الحوثي يلبي المعايير اللازمة لإدارجة ضمن قائمة العقوبات بسبب دوره الذي يهدد السلم والأمن.
إيران وصواريخ الحوثييين
اعتبر الفريق الأممي أن الصواريخ التي أطلقها تحالف الحوثي- صالح، ثم الحوثيون بمفردهم، على السعودية، “غيرت طبيعة الصراع، وقادرة على تحويله من محلي إلى إقليمي واسع النطاق”.
وأفاد التقرير بأن عدد الصواريخ المطلقة في 2017 أقل من العدد الذي تم إطلاقة في 2016، وأن الصواريخ لديها تأثير وأهداف استراتيجية (بالنسبة للحوثيين)، حيث أظهرت “وجود ضعف في القدرات الدفاعية السعودية تجاه هذا التهديد ما يجبر المملكة على اتخاذ تدابير مضادة غير متناسبة”.
وأضاف أن أربعة هجمات موثقة في مايو/ أيار، و22 يوليو/ تموز و4 نوفمبر/ تشرين ثانٍ و19 ديسمبر/ كانون أول 2017، كشفت أن الصواريخ المستخدمة هي صواريخ بالستية قصيرة المدى، وهي تفوق قدرة الصواريخ الموجودة في مخزون تحالف الحوثي- صالح.
وأفاد التقرير بأنه “لا يستبعد أن هناك خبراء صواريخ أجانب يزودون الحوثيين بالمشورة التقنية، أو أن خبراء صواريخ الحوثي تلقوا تدريباً في دولة ثالثة”، مشدداً على أنه “من شبه المؤكد عدم امتلاك الحوثيين القدرة الهندسية أو التصميمية لصنع صواريخ بالستية جديدة قصيرة المدى”.
وكشف أنه “بعد التحقق من حطام صواريخ 22 يوليو (تموز) و4 نوفمبر (تشرين ثانٍ)، اتضح أن تصاميم الحطام مشابهه مع التصميم الإيراني لصواريخ Qiam-1، ما يعني أن الصواريخ تم صنعها من المصنع نفسه، كما أن حطام الصواريخ وجد عليه علامات مشابهه لشعار شركة Shahid Bagheri Industries الإيرانية”.
وتابع أن تحالف الحوثي- صالح حصول على تكنولوجيا صاروخية أكثر تطوراً من مخزونهم نفيه في يناير 2015(SCUD C+ Hwasong-6) ، ويصفون هذه الصواريخ بالــ Borkan-2H “.

لكن الفريق قال إنه ليس لديه أي دليل حول هوية الوسيط الذي زود تحالف الحوثي- صالح بهذه التكنولوجيا، وتوقع أن “إيصال مكونات صاروخ Borkan-2H تم عبر إمدادات برية رئيسية إلى مناطق سيطرة الحوثي- صالح، بعد نقلها من الموانئ في الغيظة أو نشطون بمحافظة المهرة”، ولم يستبعد أيضاً “نقل تلك المعدات لهذه الصواريخ عبر شحنات السفن من موانئ البحر الأحمر، رغم أن احتمالية ذلك ضئيلة”.

وتوصل فريق الخبراء، من خلال حطام الصواريخ، إلى “وجود علاقة بمعدات عسكرية وطائرات عسكرية بدون طيار ذات مصدر إيراني تم إدخالها إلى اليمن بعد بدء فرض الحظر على الأسلحة”.
خلص الخبراء إلى أن “إيران لا تمتثل للالتزامات الواردة في الفقرة 14 من القرار 2216 لعام 2015، إذ لم تتخذ التدابير اللازمة لمنع التوريد أو البيع أو النقل بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى تحالف الحوثي- صالح فيما يخص الصواريخ البالستية Borkan-2H قصيرة المدى وخزانات تخزين ميدانية للأكسدة ثنائية الدفع السائل للصواريخ وطائرات بدون طيار من نوع (Ababil-T – Qasif1)”.
ثروة صالح
التقرير الأممي تطرق إلى النظام المالي في اليمن، ولفت إلى وجود بنكين مركزيين متنافسين، أحدهما في الشمال، تحت سيطرة الحوثيين، والأخير في الجنوب تحت سيطرة الحكومة الشرعية، لافتاً إلى أن الحكومة “لا تستطيع أن تجمع الإيرادات بشكل فعال”، بينما الحوثيون “يجمعون الضرائب ويبتزون الشركات ويستولون على الأصول باسم المجهود الحربي”.
وبشأن ثروة صالح أفاد التقرير بأنه من المتوقع أن يتم إدارتها من قبل خالد علي عبد الله صالح، نيابة عن أحمد علي عبد الله صالح ( المفروض عليه عقوبات أممية)، منوها إلى أنه ليس هناك أية مؤشرات بأنه سيتم استخدام هذه الأموال لدعم أعمال تهدد السلم والاستقرار والأمن في اليمن.
وأوضح أن تركة صالح “لن تكون ضمن ولاية الفريق (الأممي) إلا إذا تم نقل هذه الأموال لأحمد علي عبدالله صالح أو الحوثيين”.
وكشف التقرير عن اجتماع ضم فريق الخبراء مع أحمد علي عبد الله صالح، يوم 27 ديسمبر/ كانون أول 2017 في العاصمة الإماراتية أبوظبي.
وأوضح أن نجل صالح أبلغهم بأنه “لم يتلق (حينها) معلومات حول مكان دفن والده (يعرفه الحوثيون فقط)”، وأن أعضاء من أسرته تم القبض عليهم من قبل الحوثيين، واشتكى للفريق من أن إدراجه ضمن قائمة العقوبات الأممية “أمر غير عادل” وهو لم يقم بأية أعمال تهدد السلم والامن والاستقرار في اليمن، على حد قوله.
“انتهاكات” الحكومة والحوثيين والإمارات
أفاد التقرير الأممي بحدوث انتهاكات للقانون الإنساني الدولي من قبل أطراف النزاع، وبأن سيادة القانون في اليمن تنهار وبشكل سريع بغض النظر عن من يتحكم في الأرض.
وقال إن كلاً من الحكومة اليمنية والإمارات وقوات الحوثي- صالح شاركت في عمليات اعتقال واحتجاز وإخفاء قسري وتعذيب .
وأفاد التقرير أيضاً بوجود احتجازات من جانب الإمارات (إحدى دول التحالف العربي)، التي تشرف على مدن جنوبي اليمن، وحملها “مسؤولية “تعذيب وسوء معاملة ومنع من العلاج وعدم تفعيل الإجراءات القانونية”.
ودعا الفريق الأممي كلاً من الإمارات واليمن إلى تزويده بالإطار القانوني الذي يسمح للإمارات، كقوة أجنبية، القيام بالاعتقالات وحرمان من الحريات.
وبينما لفت إلى أن السلطات الإماراتية نفت أنها تدير مرافق احتجاز، أفاد بأن الإمارات تحتجز أكثر من 200 شخص حتى 1 نوفمبر/ تشرين ثانٍ 2017.
كما اتهم التقرير الأممي الحوثيين بتنفيذ عمليات إعدام واحتجاز لأفراد لأسباب سياسية أو اقتصادية، وتدمير منازل أعدائهم بشكل ممنهج، إضافة إلى إعاقة إيصال المساعدات الإنسانية وتوزيعها.

إضافة تعليق
الأسم*
الموضوع*
نص التعليق*