• د.ياسين سعيد نعمان
ورطة البركست!
الجمعة 16 نوفمبر 2018 الساعة 02:04
د.ياسين سعيد نعمان
تواجه حكومة المحافظين برئاسة السيدة "تريزا ماي" أكثر الايام صعوبة منذ الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي تم في يونية ٢٠١٦ . 
منذ ذلك التاريخ والمباحثات البريطانية الأوربية بشأن تفعيل المادة خمسين من النظام الاساسي للاتحاد والمنظم لعملية الخروج تصطدم بصعوبات جمة جعلت الخروج عملية مكلفة لم يتوقعها البريطانيون . 
طوال السنتين ورئيسة الوزراء تواجه انشقاقات داخل حزبها بشأن الصفقة التي يتوقع إبرامها لجعل عملية مغادرة الاتحاد أقل خسارة على الصعيد الاقتصادي ، إضافة إلى التعقيدات الناشئة عن موقف المعارضة ، وخاصة حزب العمال ، التي تعمل على توظيف هذه الصعوبات بإضعاف الحكومة وإظهارها بمظه المرتبك وغير القادر على إبرام الصفقة التي تحترم نتائج الاستفتاء وقرار الناخبين بالخروج.
غير أن هذه الانشقاقات والتعقيدات الكبيرة لم تثن السيدة "ماي" من مواصلة العمل على بلورة صفقة deal تبقى بموجبها بريطانيا عبر ايرلندا الشمالية ضمن الاتحاد الجمركي لفترة انتقالية ، وهو ما رفضه دعاة البركست في حزبها ، وأقدم القادة الأساسيون للبركست على الاستقالة وخاصة وزير الخارجية السابق . 
وسط هذا الجو من الاستقالات والمعارضة لمشروعها من قبل معظم القوى السياسية في البرلمان تصر السيدة "ماي " على أن مشروعها يجنب بريطانيا الخروج من غير إتفاق واضح وهو ما يعرض من وجهة نظرها مصالح الشعب البريطاني لمخاطر يصعب معالجتها من دون خسائر ضخمة.
يوم أمس أنهت صياغة مشروعها ، ودعت وزراءها لمناقشته وإقراره ، غير أنه بالرغم من موافقة الحكومة عليه بتحفظات كبيرة فقد أقدم أكثر من وزير على الاستقالة وأهمهم الوزير المكلف بالتفاوض حول البركست ومعه طاقمه الاساسي مما شكل ضربة قوية للسيدة "ماي"ما قبل عرض المشروع على محلس العموم الذي تم اليوم وسط معارضة قوية من كل الأحزاب بما في ذلك أعضاء في حزبها . 
حزب العمال يتربص بحكومة المحافظين ويسعى نحو انتخابات مبكرة في حالة أن رفض البرلمان مشروع رئيسة الوزراء ، ويعتبر أن رفض البرلمان المشروع يعني التصويت على الثقة .
ومن جانب آخر تسعى بعض قيادات حزب المحافظين على بلورة موقف من رئيسة الوزراء ربما يصل إلى مناقشة طرح الثقة فيها إذا ما توفر العدد المطلوب الذي يتم بموجبه عقد مثل هذا الاجتماع . 
وسط هذه الأجواء تقود رئيسة الوزراء المواجهة لانجاح مشروعها ، لا سيما وأنه لا يوجد مشروع آخر مقابل مشروعها عدا ما يلوح به المتشددون في حزب المحافظين عن الخروج من غير صفقة، no deal ، أو ما يسعى إليه حزب العمال من استغلال هذا الارتباك لتحقيق إنتصار انتخابي .
إضافة تعليق
الأسم*
الموضوع*
نص التعليق*