• علي محمد جارالله
تعليقي على مقابلة الرئيس علي ناصر محمد
السبت 25 نوفمبر 2017 الساعة 22:23
علي محمد جارالله


ندرك جيدا نشاط فخامة الرئيس علي ناصر محمد الرئيس الأسبق لجمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية في قضية الجنوب، و ندرك ايضا انه هو تقريبا السياسي الجنوبي الوحيد الذي لا يمر اسبوعا عليه الا و هو على تواصل دائم مع جهات دولية و أممية و أقليمية و عربية يناقشهم عن حل القضية اليمنية، و يحاكي في لقاءاته دائما الحل اليمني العادل للجنوب و للشمال بضمانات كاملة.
و سأعطي لنفسي الحق في تحليل ما جاء به في مقابلته الأخيرة مع إحدى الصحف المحلية كونه صديق لي عزيز و أحترمه، و لولا إحترامي له لما كتبت هذا التعليق، و انا اعرفه جيدا، لن يزعل من تعليقي، بل سيحترمه، و سأذكر المتغيرات الجديدة في مواقف الرئيس ابو جمال و هو سيسمح لي بذلك مشكوراً.
قال الرئيس ناصر في مستهل مقابلته، ان الصراع على السلطة هي عقدة المشكلة اليمنية، و لكنني اعتقد ان ابو جمال لن يخالفني الرأي إذا قلت له ان عقدة المشكلة اليمنية هم الساسة الشماليون، الذين يريدون تسليم صنعاء للحوثي، ليذهبوا هم لاحتلال الجنوب و حكمه كما يحكموا الوسط من زمن..!!
قوات الشماليين مدججة بالسلاح الحديث و متقوقعة في مأرب، و هي تعرف انها اقوى من قوات صالح و الحوثي، و لكنهما لا يريدان استرجاع صنعاء، لان استرجاعها يعني نهاية اللعبة، و انتهاء المعركة، و انتهاء المعركة هي خسارة لهم.
هنا المشكلة، بدليل عند تحرير الجنوب من جحافل الحوثفاشيين، بدأ الجنوب يتحسس نفسه و كيف سيدير المناطق المحررة بهدوء، فإذا بالساسة الشماليين ينتفضوا على احوالهم، و ينسوا تحرير صنعاء متعمدين ذلك، و يبدأون بالكيد لعدن و الجنوب، و هذا مانراه، سيطرتهم على إدارة الرئيس هادي، و وقف الخدمات من كهرباء و ماء و نظافة في عدن منذ التحرير، بتسليمها لادارة بن دغر التي تتبع تعليمات عفاش.
لهذا لو تخلّص ابناء الجنوب من سيطرة إدارة حزب الاصلاح و صالح و الحوثي لكان الوضع غير.
 **
و يعلن فخامة الرئيس علي ناصر، و هنا تقريبا يعلنها لأول مرة، ان الحرب لم تقم ببدء عاصفة الحزم، و قال: "طالبت مرارا بوقف الحرب من حين إعلانها و مازلت أطالب بوقفها"، و هذا يعني انه يدرك ان قوات التحالف لم تبدأ الحرب، بل أن قوات التحالف طلبت من القوات الحوفاشية بعدم اقتحام عدن و الجنوب، و لكن استمرار الحوفاشيون بالسيطرة على المحافظات الشمالية و في طريقها الى عدن عندها أصدرت السعودية، الإمارات، البحرين، قطر و الكويت بيانا مشتركا في ساعة مبكرة من صباح الخميس 22 مارس 2015، من أجل ردع عدوان الحوثي و استجابة لطلب الرئيس اليمني، و هذا هو نفسه موقف الرئيس ناصر كما قاله في هذه المقابلة، انه نصحهم بعدم الاقتراب من أربع محظورات: و هي الاقتراب من الحدود مع السعودية، و عدم الاقتراب من عدن و الجنوب.. و عدم الاقتراب من باب المندب و طرق الملاحة الدولية و عدم المساس بشرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.. و لم يستفيد الحوثي من نصائح ابو جمال الأربعة، هذا ما قاله فخامة الرئيس علي ناصر محمد عن نصيحته للحوثيين، طيب و بعد النصيحة، و بعد تجاوزهم لنصيحته و المحضورات الاربع، ألم يحفز هذه المخالفات ابو جمال بإنتقاد  اصدقائه الحوثيين في ذاك الوقت، و ان ما قاموا به يعني انهم لا يحترمون نصائحه، فكان يجب عليه ان يكون نقده لهم شديدا... هذا هو الواقع.
و لهذا أطلقت الدول الخليجية "عاصفة الحزم" على حربها ضد أنصار الله الحوثيين في اليمن بسبب بدايتها للحرب في21 سبتمبر 2014 .
**
تحدث ابو جمال بإستغراب عن عدم وجود التناغم و الانسجام بين الاراضي المحررة، فيقول "هناك مأرب خرجت من سيطرة الحوثيين و تتشكل اليوم كإقليم مستقل و تحظى بالدعم الخارجي و تمتلك ثروة نفطية و موارد مختلفة، و لكنها في المقابل لا تبدو منسجمة مع عدن مع انهما يواليان الشرعية .. إنها مشكلة بنيوية عميقة، لأن ثمة شرخ يعبر عن حالة غير متوازنة تعيشها اليمن بسبب العديد من التراكمات التاريخية، و التدخلات الخارجية.
و انا هنا اختلف مع فخامة الرئيس، فمأرب هي إقليم سيطر عليه حزب الإصلاح، و جيش المقدشي بعد ان حررته قوى التحالف و خاصة القوات الامارات، حيث أعلنت دول التحالف المشاركة في عملية "عاصفة الحزم" و التي تشارك فيها الإمارات، انتهاء العملية، تلبية لدعوة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، و بدء عملية "إعادة الأمل"، و التي قالت إن من أهدافها شق سياسي متعلق باستئناف العملية السياسية في اليمن، و لهذا نرى عندها ان حزب الاصلاح برئاسة علي محسن الأحمر، و جيشه سيطرا على اقليم مأرب، دون اهتمام بسلطة الشرعية و لا الانصياع للرئيس هادي و اوامره، مثل تحويا الايرادات الى المركزي، فهذا عصيان من هذا الإقليم ضد قرار الرئيس، و المخزي ان الرئيس لم يتخذ القرار المناسب ضد محافظ هذه المحافظة؟
 اما عدن حبيبتك يا فخامة الرئيس ناصر، فقصتها غير، فقد رفضت منذ اليوم الأول الاعتراف بحزب الاصلاح، و هذه هي المشكلة التي بدأ فيها ساسة الشمال عقاب عدن حتى الآن لرفضهم حزب الاصلاح، و لا علاقة للتراكمات التاريخية، و التدخلات الخارجية، كما اعلنته فخامتك.
**
يقول الرئيس علي ناصر محمد أن العنف لايولد إلا عنفاً، و لهذا نصح باللجوء إلى الحوار لحل المشاكل بدلا من اللجوء إلى السلاح، و لكن تجّار الحروب لا يريدوا نهاية لها محليا و إقليميا و دوليا.
 و لكن تجاهل فخامة الرئيس إعلان من هم هؤلاء تجار الحروب و المستفيدون من بقاء الحرب، اليس هم ساسة الشمال، و خاصة حزب الإصلاح و أنصار الله و صالح؟، هل أخبر فخامته سفراء الدول الغربية و الممثلين عن المؤسسات الأمريكية المؤثرة في القرار السياسي الرسمي . و ممثلي الاتحاد الأوروبي و ممثلين عن حكومة روسيا الاتحادية و الأمين العام السابق و اللاحق لجامعة الدول العربية و كذلك مثلي الأمين العام للأمم المتحدة في اليمن (جمال بنعمر و إسماعيل ولد الشيخ )، هل أخبر هؤلاء بأن من يعرقل السلم هو جماعة الاصلاح، و انصار الله و صالح؟ الا توجد أدلة كافية لذلك؟ ألم يزودهم بنتائج لقاءاته معهم؟ الم يدركون ان الجنوبيين مستعدون للحوار؟ الم يشارك التحالف في كل اللقاءات بدفعهم الشرعية للإشتراك؟
أما ما يخص مبادرة فخامة الرئيس و التي اختصرها فيما يلي:
1)          العمل على وقف إطلاق النار بالتنسيق و التعاون مع الدول الإقليمية و الأمم المتحدة.
2)          تشكيل مجلس رئاسي مؤقت.
3)          إجراء انتخابات لاختيار قيادة جديدة و دستور جديد.
4)          تشكيل حكومة وحدة وطنية توافقية.
5)          تجهيز قوة عسكرية و أمنية جنوبية من اللذين سُرّحوا من جيش الجنوب و غيرهم قوامها ( 20 ألف ) لتحل محل أنصار الله و أنصار صالح.
6)          تشكيل قيادة عسكرية و سياسية يتفق بشأنها مع الجهات المعنية في الجنوب.
7)          انسحاب أنصار الله و أنصار صالح من المدن الجنوبية.
8 ) العمل على وجه السرعة في إيصال الإغاثة الإنسانية لمختلف المحافظات،  و العمل على إعادة النازحين إلى قراهم و مدنهم بأسرع وقت.
9)          التواصل مع كافة القوى السياسية اليمنية و الإقليمية و الدولية للعودة إلى الحوار اليمني ـ اليمني في المكان و الزمان المتفق عليه بين كافة الأطراف.
10)        التأكيد على قيام دولة اتحادية بإقليمين بحدود 21 مايو 1990 لفترة
        مزمّنة .
11)        تشكيل لجنة «تنسيق و متابعة» من الأطراف الموقعة على هذا
         الاتفاق للإشراف على تنفيذ بنوده و التشاور بشأن أي مستجدات
         لاحقة.
و نقاط هذه المبادرة تبدو جيدة و مقبولة للجنوبيين، و هكذا بنود يجب تنفيذها بالقوة الأممية، و الا ستكون نتيجتها كما نتيجة القرار الأممي 2216.
 **
  و في نهاية المقابلة قال انه يتأسف ان ما يجري في عدن  هو سباق على من يسكن بيت المحافظ، و مكتبه، و بين من يتحكم في قلعة معاشق، و الشعب يئن  تحت هذه القلعة من انقطاع الماء و الكهرباء و المرتبات و انتشار الوباء و الكوليرا!!!
و الحقيقة ان المحافظ المستقيل المفلحي قالها صراحة ان سبب إستقالته ليس مكتبه و سكنه و انما إفشاله المتعمد من قبل حكومة بن دغر  من تنفيذ برامجه، و في مقدمتها:
1)          حل مشكلة الماء و الكهرباء
2)          اعادة بناء المؤسسات
3)          تفعيل جهازي القضاء و الشرطة
4)          تحسين الخدمات كالنظافة و الصرف الصحي
5)          اصلاح شوارع المدينة.
**
الخلاصة:
-          كشهادة للتاريخ فأن فترة رئاسة الرئيس علي ناصر محمد لجمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية، منذ أبريل 1980 الى يناير 1986 ، تثبت ان الرجل اتخذ موقفًا أقل تدخلا في شؤون سلطنة عمان و اليمن الشمالي، و عمل على تحريك عجلة الاقتصاد في الجنوب، و كسب حبا كبيرا من المواطنيين حينها، اتمنى ان يستثمره الآن.
-          حاولت ان ابحث في هذه المقابلة، عن موقع إدانة للمعتدين و الانقلالبيين، و لكنه لم ينتقدهم، بل حسب إشاراته الدائمة في ثنايا المقابلة انه كان دائما الناصح الأمين فقط.
-          تحدث ابو جمال عن الأزمات التي تحدث منذ زمن في المنطقة، و لكنه اغفل ان الأزمات كانت تأتي منذ بدء الإمامة في الشمال و تتوالى على الشعب كأزمات و كوارث على أهل الشمال و خاصة صنعاء، و كذلك اغفل فخامته ان المشاكل و الكوارث هلّت على الجنوبيين عند إعلان الجبهة القومية في 1967 يمننة الجنوب.
-          ان سلوك ايران مثّل طعنة غادرة لوحدة الشعوب العربية الإسلامية من خلال دعمها للعصابات الخارجة عن النظام والقانون بالمال و السلاح من اجل زعزعة امن و استقرار المنطقة، أهمل فخامته ان إيران ذهبت الى لبنان، و خلقت فيه الأزمات بتأسيس فصيل مليشاوي إرهابي، يثير الخوف و القلق في لبنان، و عملت ايران نفس الشيئ في العراق و قسمته، و خلقت فيه فصيل ارهابي اسمه الحشد الشعبي،و ذهبت الى سوريا عشيقتك الجميلة، لتشكيل مليشيات إرهابية مثل النصرة، و غيرها، و تكريس الحرب لمدة ست سنين في سوريا الحبيبة الجميلة، و جاءت لليمن لتخلق به قلة لا يتجاوز عددها 50 ألف شيعي لتدعم لوجوستيا و تموله بالسلاح لاهدار الأمن و الأمان في اليمن، و إطالة أمد المعاناة، و ها نحن نرى الأوضاع التي تعيشها بلادنا جراء انقلاب الحوثي و صالح على الشرعية و تحالفهم مع دولة ايران المعادية للسلام و التي تحركها اوهام النزعات الإمبراطورية و الذي وجهت سياستها وسلوكها طعنة غادرة لوحدة الشعوب و الدول الإسلامية،و اثر ذلك علي المسار الذي اختاره اليمنيون في ثورتهم السلمية و الذي توج في مؤتمر الحوار الوطني بوضع خارطة للمستقبل الديمقراطي و التعددي العادل القائم علي الحرية و المساوة و الحكم الرشيد و التوزيع العادل للثورة والسلطة.
 

إضافة تعليق
الأسم*
الموضوع*
نص التعليق*