• منى صفوان
رمال التحالفات المتحركة باليمن.. وحكومة تويتر خارج التصفيات
السبت 4 نوفمبر 2017 الساعة 20:36
منى صفوان

يطفو اليمن فوق بركان الاحتمالات، ما بين تسوية قادمة ، وصراعات متاججة، منها القديم ومنها ما يعيد انتاج نفسه، فليس هناك اسرع من تبديل خارطة التحالفات في اليمن، واليمن هو حقل التجارب السياسية الرائدة في الجزيرة العربية، وهذا يربك حلفاء الخليج، الذين عليهم الاسراع والتجاوب بتغيير خارطة تحالفاتهم ايضا.
ولتبسيط الصورة المعقدة يمكن شرح الامر بكثير من الحياد على الشكل التالي: التحالف الصالحي- الحوثي لم يعد مضمونا، وهناك حديث عن دخول دولة الامارات وروسيا على خط هذا التحالف، اما في الجانب الاخر حيث تحالف الاحزاب في اطار “الشرعية” فان حزب الاصلاح اصبح شبه منشق عن الشرعية ، وعن والتحالف الخليجي،  بسبب عمل الاخير على تقويض مصالحه في الجنوب، بل ان الاعلام الاماراتي على وجه الخصوص يروج لتقارب حوثي – اصلاحي ، ولتسليم مواقع في الشرعية للحوثيين، وهو ما اثار غضب الاصلاحيين اكثر، واكد ان ورقة الاصلاح بالنسبة للتحالف انتهت.
وبدأت حدة التصريحات بين الجانبين الخليجي والاصلاحي تأخذ بعد اكثر من عام على المهاترات جانب الجدية والحرفية في تبادل الاتهامات، ما بين اتهامات قيادات الاصلاح للتحالف باحتلال اليمن، واتهامات الامارات للاصلاح بدعم الارهاب وتنفيذ اجندة قطر.
نعم دعونا نتفق ان ازمة  قطر زادت من تأزم الوضع في اليمن، المعقد اصلا، وظهر هذا في الجنوب، حيث تخرج الان  مظاهرات ضد حكومة بن دغر وهادي ، وهو امر مربك للشرعية التي كان عليها اتخاذ عدن عاصمة مؤقتة، ومازالت قابعة في فنادق الرياض.
الرمال المتحركة
اليمن يعيش مأساة سياسية حقيقية، لاتحالفات تصمد، ولا امل بتسوية حقيقية، والمواقع العسكرية تتبدل، على خارطة متوترة لاتحسم عسكريا ولا تنجز سياسيا. وفوق الرمال المتحركة لايمكن ان تبني توقعا ثابتا.
الثابت هو  السقوط  للجميع، والسقوط الاكبر  هو انهيار العملة،  الحصن الاخير للمواطن اليمني، منزوع الراتب منذ عام، والمتجرد من اي حماية، والقابع تحت ازمة لايهتم لها سادة التحالفات، الذين يفضلون استمرار لعبة الصراع.
انهيار العملة المحلية، يعني سقوط اخر اوراق الامان الاقتصادي، فمن يمكنه انقاذ اليمن من كارثة حقيقة قادمة، وهناك تقف ورقة الامم المتحدة بتسوية هي تعديل عن خطة كيري وزير الخارجية الامريكي السابق التي عرضت في مفاوضات الكويت 2016 ورفضها “هادي”، لانها تلزمه التنحي.
موسكو
الامارات اكثر من يؤيد ومازال تسوية من هذه النوع، والجديد ان الروس دخلوا على خط الوساطة بعد زيارة الملك السعودي لموسكو، وكل ما يهم السعودية الان هو تأمين حدودها من صواريخ والغام الحوثيين، اما الصراع الداخلي فالامارات اكثر المتورطين به بعد زيادة حدة الاشتباكات في عدن بين قوات الحزام الامني الجنوبي المدعومة منها وبين قوات الشرعية
 ويكاد لا يمر اسبوع ولا تعلن فيه الامارات عن سقوط ضحايا من جنودها، لدرجة ان “هاني بن بريك”  السلفي الموالي لها نشر في صفحته ان جنود الامارات اصبحوا يرتدون الزي الشعبي العدني حتى لايتم استهدافهم، وقال انها عملية تمويه ،ونشر صورة احد الجنود بملامح وجه، هذا الذكاء من قبل حلفاء الداخل يوازيه تغابي خارجي عن المسار الحقيقي الذي كان يجب ان تسلكه الحرب
 في حين ان جماعة هادي في فنادق الرياض معزولة تماما عما يحدث في عدن وتعز ، صعده، وصنعاء،  وتتابع وتنشط  في تويتر، لدرجة ان وزير الخارجية اصبح عمله سياحي اكثر منه ديبلوماسي.
سلطنة مارب
 مارب هي الوحيدة  التي تحقق معادلة الاستقرار النسبي، و تتمتع حرفيا اليوم بحكم ذاتي منفصل ومستقل عن كل هذا الصراع،  وتذكر بعهد السلطنات الذي كان معمولا به في اليمن في القرن الماضي، ايام الاحتلال البريطاني
فمحافظها او “سلطانها”   استطاع  انتزاع شرعيته بعيدا عن جماعة شرعية فنادق الرياض، ونشاط تويتر، واثبت نفسه على الارض.
 وتمكن  “سلطان العرادة” الانفراد بمارب وعقد علاقات مباشرة مع الامارات والسعودية، مع الحليف وليس مع الوكيل،  ليكون احد رؤوس الشرعية التي تتمتع بحكم ذاتي مستقل، وفعليا استطاع سلطان مارب  تنفيذ تجربة ايجابية في مارب، والتي لاتتدخل شرعية حكومة هادي بها
 وهو السياسي المخضرم الذي بدا عمله السياسي مع الرئيس اليمني المحبوب ابراهيم الحمدي، على عكس الكثير من اعضاء حكومة هادي الذين يعدون رجال “علي عبد الله صالح” ومنهم حتى من كان مدسوسا في صفوف المعارضة، كجزء من الدولة العميقة، التي اصبحت اليوم مكشوفه.
فصالح نفسه ذكر التحالف ان كل هؤلاء من هادي ومن تحته هم رجاله وعجينته، وهذا امر لاينكره احد، وربما هذا هو سبب اخفاق “الشرعية” التي كانت اول من سلم عمران وصنعاء للحوثيين، ولم تتحدث عن الانقلاب الذي زحف خلال عام ونصف ،  الا بعد ان نكث الحوثي باتفافه معهم “هادي والاحزاب”.
وبين هذا وذاك القصف السعودي يتواصل على المدنيين،  وكذلك القصف الحوثي على تعز، فالتقارير الاخبارية الماساوية ، تاخذها الامم المتحدة على انها رسالة لايصال صناديق الاغذية عبر مطار صنعاء المقفل، فمن يملك قرار انهاء هذه الحرب الفوضوية المستعرة، التي يخسر فيها الجميع يوميا. غير ان اليمني يثبت صبرا على البلوى يعجز اللسان عن وصف قدرته، ويعجز العقل عن تفسير مقدرته.
كاتبة عربية من اليمن
*عن صحيفة رأي اليوم

إضافة تعليق
الأسم*
الموضوع*
نص التعليق*