• عبد السلام بنعيسي
غزة تقاوم الناتو منفردة والحكام الغربيون متورطون في سفك الدم الفلسطيني
الثلاثاء 24 اكتوبر 2023 الساعة 23:58
عبد السلام بنعيسي
في خضم القصف الذي تقوم به القوات الجوية الإسرائيلية لمدينة غزة المحاصرة، برا، وجوا، وبحرا، هرع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن صوب الكيان الصهيوني، وكان قد سبقه ولحقه بالتتابع، كلٌّ من وزير خارجية أمريكا ووزير دفاعها، وتزامن ذلك مع رُسُوِّ البوارج الحربية وحاملات الطائرات قرب شواطئ غزة، وتم الإعلان عن وجود قوات أمريكية بالقرب من مواقع القتال، وأنها تشارك فيه، بصيغ مختلفة، وهرع  أيضا رؤساء الدول الأوروبية ورؤساء حكوماتها إلى تل أبيب، وكلهم أجمعوا على تقديم الدعم والمساندة للدولة العبرية لكي تستمر في اقتراف جرائمها البشعة ضد الفلسطينيين، ولكي تعيث في مدينتهم غزة، تدميرا، وحرقا، وتخريبا..
فماذا يعني هذا الذي يجري من طرف هؤلاء؟ وما هو الوصف الذي ينطبق عليه؟ ألسنا أمام مشاركة غربية إلى جانب إسرائيل في الحرب المشنة من طرفها على غزة؟ هناك أشكال وأشكال للمشاركة في الحرب. لا ينبغي اشتراط حصول المشاركة، في شكلها المادي والمباشرٍ، وعبر الحضور الميداني لأفراد من جيش دولة فرنسا مثلا، لكي نصف الأمر على أنه مشاركة فرنسية في الحرب. توفير التغطية السياسية للحرب، ومباركتها في الإعلام، ومنع حتى الحق في التظاهر ضد الحرب في العواصم الغربية، وتجريمه، وسجن من يتجرأ عليه، وشيطنة الجهة التي تخاض الخرب ضدها… كلُّ ذلك، يمثل مشاركة فاعلة وحاسمة في هذه الحرب. ناهيك عن الدعم المالي والاستخباراتي الذي يتلقاه الجيش الصهيوني من مختلف الجيوش وأجهزة الاستخبارات الغربية.
خزائن الجيش الإسرائيلي طافحة بالأسلحة باختلاف أنواعها، وهو يستعمل حاليا الطيران الحربي الغربي عموما والأمريكي خصوصا لكي يدمر بواسطته أحياء غزة، واحدا واحدا، وهو ليس في حاجة لا للسلاح ولا للجنود في الظرف الراهن. وكل ما يطلبه الجيش الإسرائيلي لإنجاز المهمة التي حددها لنفسه هو توفير الوقت الكافي له، وأن يشعر أن ظهره محمي، وأن قادته متحررون من أي ضوابط في استعمالهم لآلة الحرب الغربية الفتاكة، وأن القوانين الدولية لا يمكن أن تطالهم جراء الجرائم التي يقترفونها ضد سكان غزة… حين يوفر الغرب هذه الشروط للكيان الصهيوني، فإن الغرب يكون قد شارك عمليا في الحرب، وقاتل مع الصهاينة في نفس الخندق.
لا معنى لتهديد القوات الأمريكية بالدخول في الحرب لدعم الجيش الصهيوني، في حال تدخُّلِ حزب الله لنصرة المقاومة في غزة. القوات الأمريكية منغمسة في الحرب دعما للدولة العبرية، بكل الوسائل التي تملكها أمريكا. جميع إمكانيات الولايات المتحدة الأمريكية موضوعة رهن إشارة الجيش الإسرائيلي، ولاشك في أن ضباطا وجنودا أمريكيين يقاتلون، يشكلٍ غير معلن، مع نظرائهم الصهاينة، وإذا اقتضت الضرورة وشعرت إسرائيل بأنها على وشك الانهيار، وفقدت زمام المبادرة، فإن أمريكا ستكشف عن وجهها، ولن تتردد في التدخل بشكل علني وسافرٍ في الحرب للدفاع، بقواتها البرية، والبحرية، والجوية، عن وجود الكيان الصهيوني.
الحكام الغربيون مجمعون، بقيادة أمريكا، على خوض هذه الحرب المشنة على الغزاويين إلى جانب دولة الاحتلال، ومنهمكون فيها. إنهم يقاتلون معها، كتفا إلى كتفٍ، وأنهم موغِلون في سفك الدم الفلسطيني، ومتورطون في المذابح والمجازر التي تقترف ضد الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين. وباختصار شديد يمكن القول، إن غزة، بعدد سكانها الذي لا يتجاوز المليونين ونصف المليون نسمة، تواجه منفردة الحرب المشنة عليها من طرف الناتو، والمنفذة بواسطة الجيش الصهيوني.
بطبيعة الحال، لا يمكن إنكار المجهود الذي تبذله المقاومة اللبنانية ممثلة في حزب الله في تقديم الشهداء والتضحيات لتخفيف الضغط عن غزة، ولا يجوز التقليل من القصف الذي تتعرض له القوات الأمريكية على أيدي المقاومة العربية الشعبية سواء في العراق أو سوريا، أو بواسطة حركة الحوثيين اليمنية، لكن الثقل الأكبر يقع اليوم على غزة التي يتم تدميرها فوق رؤوس ساكنتها، بدعمٍ غربي كامل، في حين يتفرج الحكام العرب الأشاوس ويراقبون كيف تتحول هذه المدينة المحاصرة من طرفهم، والمحرومة من الماء، والغذاء، والدواء، والكهرباء، تتحول إلى مقبرة جماعية.
ألا يخجل هؤلاء الحكام من أنفسهم ومن شعوبهم ومن شعوب العالم التي تتابع عجزهم عن فعل أي شيء لإنقاذ إخوة لهم يُذبحون على مرأى ومسمع منهم؟ ماذا يقولون لربهم يوم يلقونه، حيث تبيضُّ وجوه وتسودُّ وجوه؟؟
 
عن راي اليوم ..
إضافة تعليق
الأسم*
الموضوع*
نص التعليق*