• علي البخيتي
حان الوقت لإصلاح الشرعية!
السبت 17 يونيو 2017 الساعة 02:11
علي البخيتي

نختلف أو نتفق مع سلطة هادي، نعترف بها أو ننكر شرعيتها، الواقع أن العالم ودول الإقليم ما يزالون يعترفون بها، بما في ذلك من يظهرون كحلفاء للإنقلابيين (إيران وروسيا وسوريا).
*
الشرعية ليست أشخاص، بل نظام يعترف العالم به؛ ويُصر على أن الحلول ستمر عبره، وهادي كشخص جزء من هذا النظام، وبن دغر كذلك، وبقية المسؤولين.
لا بد من الاعتراف أن الشرعية باتت مشوهة أمام المجتمع الدولي، وأمام حتى دول الإقليم وعموم الشعب اليمني، وأمام الأطراف والأحزاب اليمنية الداعمة لها؛ بقدر تشوه الانقلابيين إن لم يكن أكثر، بسبب فشلها في تقديم نموذج إيجابي في مناطق سيطرتها، وبالأخص في عدن وتعز والكثير من المحافظات الجنوبية، وهذا ما دفع المجتمع الدولي للتعامل مع الانقلابيين؛ وفتح نوافذ أمامهم، فتجربتهم في صنعاء مثلاً بكل مساوئها وانحرافاتها لا تزال أفضل من تجربة الشرعية في عدن.
*
دماء اليمنيين تسيل، ومقدرات البلد يتم تدميرها، في حرب كافرة لا أفق واضح لنهايتها، بسبب غياب المشاريع الوطنية لدى الطرفين، وإذا ما أردنا نهاية لهذه الحرب، سواء عبر تسوية سياسية، أو بحسم عسكري مع القوى التي ترفض الحل، فلابد من وجود مشروع وطني يقود هذا التحرك، وشرعية جديدة تتبناه وتحشد الدعم المحلي والإقليمي والدولي لصالحه، فلكي تتغير المخرجات خلال المرحلة القادمة لا بد أن تغيير المدخلات، ولأنه من الصعب انتاج شرعية جديدة يعترف العالم بها في هكذا ظروف يتعذر معها اجراء تغيير عبر الأدوات الديمقراطية، فلا مجال أمامنا الا إصلاح الشرعية الموجودة وبشكل جذري، عبر مراجعة وتقييم المرحلة الماضية، بايجابياتها وسلبياتها وأوجه القصور فيها، والخروج بمشروع حل يُنتج وجه جديد للشرعية، يحد من أخطاء المرحلة الماضية، ويضخ دماء جديده في عروقها؛ ويتمكن من استقطاب تيارات جديدة وشخصيات وطنية لتلتحق بالمشروع الوطني الهادف لاستعادة الدولة ومؤسساتها من يد الانقلابيين.
*
الملل بدأ يدب في دول التحالف الداعمة للشرعية، فإلى جانب الأموال التي تضحي بها هناك دماء لأبنائها تسقط كذلك، جنود وضباط ومدنيين يقتلون، وأعباء دولية تتراكم عليها فيما يتعلق بحقوق الانسان، وتقارير وقضايا يتم ابتزازها عبرها، وصورتها أمام العالم تتشوه بسبب تدخلها في اليمن، وكل ذلك ناتج عن سوء إدارة الشرعية للملف برمته، وسعي مسؤوليها الى استثمار الحرب للانتقام من خصومهم وللإثراء غير المشروع وتوظيف أبنائهم وأقاربهم وشراء العقارات، وكأنهم يائسين من العودة، وهذا يلقي بضلاله على الرجال في الميدان وعلى مواقف الدول الداعمة، واذا ما أصاب المملكة والإمارات اليأس فقد تلجأ لحلول صادمة، كما فعل الزعيم العربي الراحل عبدالناصر في ستينات القرن الماضي، عندما ضاق ذرعاً بخلافات الأطراف المتحالفة معه، فرمى بهم في السجن؛ مع انه لا يمكن مقارنة الشخصيات الوطنية التي سجنها ناصر برموز الشرعية اليوم.
*
من صالح هادي ومن معه تفويض المملكة والتحالف والقوى السياسية اليمنية الداعمة له لاقتراح مشروع يخرج الشرعية من ورطتها، ويحافظ على الاعتراف الدولي بها، وفي نفس الوقت يُنتج وجوه وأليات جديدة لها، فليس من صالح رموز الشرعية استمرار الوضع الحالي، فقد تفقد دول التحالف صبرها، وتتخذ من الإجراءات ما لا يعجبهم؛ وما قد يقضي على مستقبلهم وأوضاعهم، في الخارج والداخل على السواء، وبما قد يجعلهم وأموالهم ملاحقين ومطلوبين أمام العدالة، فملفات فسادهم جاهزة، وممتلئة بالوثائق والأدلة، وحركة أموالهم التي نهبوها من استثمار الحرب مرصودة، وأسماء التجار الذين سهلوا نقلها والحسابات التي تحتويها معروفة.
*
الأخطاء التي يرتكبها رموز الشرعية جسيمة، وتسبب مخاطر كبيرة، لليمن ولدول التحالف على السواء، ولا يمكن تحملها الى ما لا نهاية، فدول كالسعودية والامارات لا يمكن أن تخاطر بمستقبلها من أجل فاسدين يمنيين يستثمرون أموالها ودماء أبنائها لمصلحتهم، ولذلك من الأفضل لهم أن يبادروا هم، ويخطروا دول التحالف أنهم مفوضين لها وللقوى السياسية اليمنية في الخروج بمشروع حل، يصلح الشرعية بشكل جذري، حتى لو خرجوا بأشخاصهم، أو تم الحد من صلاحية بعضهم، فذلك أقل الأضرار بالنسبة لهم، ليحافظوا على علاقة طيبة مع دول التحالف، بدلاً من مغامرة اللعب على حافة الهاوية، فللصبر حدود، فبن دغر وهادي ليسوا أعز من تميم آل ثاني، والكرم الحاتمي قد يتحول الى سجن ناصري، والحليم تكفيه الاشارة.
 

إضافة تعليق
الأسم*
الموضوع*
نص التعليق*