• عمار باطويل
الجمرة..آخر العلاج الكي
الاربعاء 31 مايو 2017 الساعة 21:49
عمار باطويل

الجمرة مسلسل حضرمي يحتسب للدراما الحضرمية التي في حاجة إلى الرقي والتقدم كالدراما العربية الأخرى، وهي وجدت ليس كي تتوقف بل كي تستمر في معالجة قضايا المجتمع في الماضي أو في الحاضر أو التطلع إلى المستقبل. وكم استغربت من النقد الاذع للعمل من أول حلقة تبث على قناة حضرموت وكأن الحلقة تمس المجتمع الملائكي الذي لا توجد فيه أي مشاكل وكأنه عائش في الجنة بعيداً عن سقطات البشر وانكساراتهم وهزائمهم. هذا المجتمع الملائكي غير موجود بتاتاً في حضرموت اطلاقاً والمجتمع الحضرمي بكل فئاته قد مر بتحولات في حياته كبقية المجتمعات العربية وهذا التحول يجب أن يرصد أن كان بكتابة القصة، أو بكتابة رواية وتحويله إلى عمل درامي. عمر أحمد أبوبكر الجوهي السيباني كاتب قصة مسلسل (الجمرة) شخص قرأت له عدة مؤلفات ومنها (صفحات من تاريخ الجوهيين) والكاتب مهتم بحياة البادية من عادات وتقاليد وهو لم يكتب هذا العمل من فراغ بل قام بجهد كبير من جمع معلومات كثيرة عن حياة البادية في حضرموت قبل أكثر من قرن من الزمان مثل ما قد عرضته الحلقة الأولى من مسلسل ( الجمرة) والحلقة الأولى ترصد الصراع بين القبائل على التقدمة وكذلك (الهوش) عند القبائل وعملية تنصيب المقدم لمنصب التقدمة وكان يتم بعد دفن المقدم مباشرة. ففي الحلقة الأولى يوجد الخير والشر فكل شخصية تحمل نقيض الأخرى من خير وشر وهذه من طبيعة البشر. الصراع القبلي في العقود الماضية في حضرموت قد خلق مشاكل كبيرة وكثيرة في المجتمع ومنها ( الهوش) وأيضاً وجد عملية الثأر التي جعلت القبائل الحضرمية تتقاتل، وبسبب هذا القتال الدامي المستمر بين القبائل قد جاء جهد إنجرامس مع زعماء حضرموت لإيجاد صلح بين قبائل حضرموت كي يحل الأمن والأمان في البلاد وجاء صلح انجرامس الذي تعرفه كل قبائل حضرموت وهذا الصلح جعل القبائل الحضرمية تخطو خطوة إلى الحياة المدنية. هناك كتب كثيرة ترصد نوع من المرحلة الصعبة في حضرموت وعدم الاستقرار مثل كتاب ( جنوبي جزيرة العرب) تأليف ( ثيودور ومايبل بنت) وأيضاً كتاب ( إحلال السلام في حضرموت ، دراسة تاريخية لتجربة حضرموت في القضاء على الثأر القبلي 1933-1953م) تأليف ( الأستاذ : عبدالعزيز بن علي بن صلاح القعيطي) وايضا كتاب ( إدام القوت في ذكرى بلدان حضرموت ) تأليف علامة حضرموت ومفتيها السيد عبدالرحمن بن عبيد الله السقاف رحمه الله والذي يرصد أحداث مهمة في الصراع القبلي في حضرموت وأيضا كتاب ( أيامي في الجزيرة العربية، حضرموت وجنوب الجزيرة 1934-1944م) تأليف : دورين إنجرامز. كل هذه الكتب ترصد حياة الإنسان في حضرموت والصراع الدامي بين القبائل. وما يؤسف أن هناك من لا يقرأ الأحداث المهمة ولا يرصد التحولات في المجتمع الحضرمي، وكأنه يريد أن يجعل المجتمع الحضرمي مجتمع جامد أو ومجتمع ملائكي غير بقية المجتمعات العربية والتي تناقش الدراما العربية كل مشاكله بدون رقيب أو حسيب كما يفعل البعض. مسلسل ( الجمرة) عمل درامي حضرمي وكاتبه شخصية حضرمية نفتخر بها، وأيضاً أكثر من يمثل هم من أبناء حضرموت وقامت حلقاته على أرض حضرموت فالمسلسل مننا وفينا وعمل درامي قابل للنقد البناء بل سيكون فاتحة خير على الدراما الحضرمية. فنحن في حاجة إلى حراك ثقافي وأدبي ودرامي كي نكسر الجمود الذي وصلنا إليه ولا داعي للتخوين والنقص من أعمال الآخرين وللكاتب عمر أحمد الجوهي تحية وأقول له كما قال الأديب الأمريكي مارك توين : أن صناعة الأدب يحتاج إلى الاحساس بالموهبة وشجاعة فائقة.

إضافة تعليق
الأسم*
الموضوع*
نص التعليق*