• راي اليوم
السعودية “تغفر” لوزير الخارجية البريطاني تصريحاته “المسيئة” لها !!
الاثنين 12 ديسمبر 2016 الساعة 23:04
راي اليوم

قدم المؤتمر الصحافي الذي عقد يوم امس في الرياض بين وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون، ونظيره السعودي عادل الجبير “نموذجا” في “التكاذب” السياسي والدبلوماسي، وأكدت تصريحات الوزيرين على “الانتهازية” المصلحية لبلديهما، وهو توجه بريطاني متأصل، ولكنه غير مألوف في السعودية من وجهة نظر الكثيرين.
الوزير جونسون الذي وصل الى العاصمة السعودية بعد يومين من تصريحات مثيرة للجدل ادلى بها في ندوة بروما، واتهم فيها كل من الدولة المضيفة (السعودية) وخصمها الإيراني بإشعال فتيل حروب بالإنابة في منطقة الشرق الأوسط، وتحريف الاسلام وتوظيفه في هذه الحروب، لقي استقبالا حافلا ومتميزا في الرياض، وبدا نظيره الجبير متسامحا وودودا ومبررا لتصريحاته تلك، ودافع عنه بقوله انه تم تحريفها واسيء فهمها وان العلاقات بين السعودية وبريطانيا استراتيجية.
هذه اللهجة التي تعكس تسامحا سعوديا لا نرى مثله مع العديد من الدول العربية والإسلامية، قوبلت بخروج الوزير جونسون عن النص في مجاملته لمضيفيه لدرجة تبني موقفهم في حرب اليمن عندما “اعترف ان الرياض تواجه تهديدا خطيرا من الصراع هناك، رغم قلقه العميق من جراء معاناة اليمنيين”.
المملكة العربية السعودية التي تعيش مخاوف مزدوجة وجدية من جراء وصول دونالد ترامب الى البيت الأبيض، الذي يتبنى قانون “جاستا” الذي ينص على محاكمتها امام القضاء الأمريكي بتهم الإرهاب، وتعاظم صعود الدور الإيراني في المنطقة، تريد حلفاء يقفون في  خندقها ويدافعون عنها، ولذلك تجاوزت تصريحات الوزير جونسون التي ساوت بينها وبين خصمها ايران، وتضمنت اتهامات صريحة لها بتأجيج الحروب الطائفية في المنطقة.
العدد الأخير من مجلة “الايكونومست” البريطانية الذي صدر يوم وصول الوزير جونسون الى الرياض رش المزيد من الملح على جرح القلق السعودي هذا، عندما تحدثت المجلة  بـ”صراحة” غير معهودة عن هزائم الحكومة السعودية في كل حروبها وسياساتها الخارجية في سورية والعراق واليمن ومنظمة “اوبك”، وكان لافتا ان الوزير الجبير لم يتطرق مطلقا في مؤتمره الصحافي الذي عقده مع نظيره البريطاني الى الملف السوري، وقرب سقوط حلب، وليس الرئيس السوري بشار الأسد، مثلما كان يؤكد دائما، ربما يؤكد ما جاء في تقرير “المجلة” المذكورة، فماذا سيقول عن حلب؟
لفتة التسامح التي عبر عنها السيد الجبير تجاه ضيفه البريطاني ودولته، تعكس توجها عقلانيا وحضاريا في الوقت نفسه، ولكن يظل محدود التأثير اذا لم تتوسع دائرته لتشمل خصوم السعودية في المنطقة، وتترجم على شكل فتح قنوات حوار معهم لان سياسات “الحرد” و”المناكفة” و”التكبر” تعطي نتائج عكسية تماما، خاصة في ظل ضمور العضلات المالية، وتوسع حرب الاستنزاف في اليمن.
بريطانيا لم تعد دولة عظمى.. وترسم سياساتها وفق مصالحها.. واذا لوحت لها ايران بصفقات وعقود اقتصادية اكثر دسامة فإن السيدة تيريزا ماي، رئيسة وزرائها، ستكون اول الواصلين الى طهران، تماما مثلما فعلت فرنسا بعد توقيع الاتفاق النووي بين ايران والدول الست العظمى، وستكرر تصريحات الوزير جونسون نفسها أي اشادة بالعلاقات التاريخية بين لندن وطهران، ولا نحتاج الى المزيد من الشرح في هذا المضمار.

إضافة تعليق
الأسم*
الموضوع*
نص التعليق*