• محمد السعيدي
اليمن والخيارات المتاحة
الأحد 4 ديسمبر 2016 الساعة 13:11
محمد السعيدي


أكثر من عشرين شهرا مرت منذ انطلاق عاصفة الحزم التي يقودها التحالف العربي في اليمن لدعم السلطات الشرعية التي تواجه انقلابا ميليشيويا وعسكريا يقوده جناح علي صالح الذي يملك 90٪ من القطاعات العسكرية المنظمة والتي بنيت بشكل عائلي وقبلي وميليشيا الحوثي المدعومة من إيران.
وتسيطر القوات الحكومية الشرعية على 75 ٪ من مساحة الجمهورية اليمنية عبر الحرب التي قادتها المقاومة الشعبية على الأرض، وكانت معركة عدن محور تغير سير الحرب ضد الانقلابيين، حيث تمكنت المقاومة الجنوبية من احراز أكبر هزيمة لقوات الحرس الجمهوري الموالية لعلي صالح وقوات النخبة الحوثية والتي يشرف عليها الحرس الثوري الإيراني، حيث تمكنت المقاومة الجنوبية مدعومة من التحالف من تحرير 6 محافظات في عملية عسكرية واسعة النطاق عرفت بـ«السهم الذهبي».
إلا أن سير المعارك تباطئ في عدد من الجبهات، منها تعز وصرواح وجبهة نهم، وهذه لها أسباب لوجستية وسياسية سببت تأخير الحسم في هذه الجبهات، حيث أن هناك جناحا في الشرعية يضغط باتجاه التأخير في الحسم في محافظة تعز، كما أن الخلاف بين الناصريين والاصلاح في جبهات القتال في تعز سبب تأخر الحسم، كما أن الضغوطات الدولية مستمرة لإيقاف الحرب من الجانب الامريكي والبريطاني بشكل واضح.
في المقابل يسعى علي صالح والحوثي إلى الاحتفاظ بجغرافية الشمال (الجمهورية العربية اليمنية قبل الوحدة) قدر المستطاع لإثبات وجود حقيقي لهم على الأرض منتظرين التدخل الخارجي لإنقاذهم من الوضع الصعب الذي يعانون منه بعد الهزائم التي تتالت لهم في عدن وحضرموت ومأرب والجوف.
وتعتبر مأرب رأس حربة ضد الانقلابيين في المناطق الشمالية من اليمن ويدرك علي صالح والحوثيون أن قدرتهم في التمدد في مناطق مأرب انتهت ويأتي القلق الأكبر لهم من القوة العسكرية للجيش الوطني في مأرب والذي يقدر بأكثر من 60 ألف مقاتل وهم مستعدون للتقدم إلى عمق مناطق الهضبة والتي تعتبر مناطق النفوذ الزيدي القبلي وليس الطائفي حيث أن السنة أكثر من الزيدية في الهضبة لكن البعد القبلي هو اللاعب الرئيسي فيها.
أما في المناطق المحررة خصوصا عدن والتي تعتبر العاصمة للشرعية، فضعف الخدمات الكهرباء والمياه والصحة والأمن هي أبرز العناوين، وطبيعة الصراع الداخلي لمن يبسط نفوذه في المدينة هي محور الصراع، حيث تتقاطع عدد من القوى في مصلحة ابقاء المدينة متأزمة، فالانقلابيون لا يريدون للشرعية العودة والاستقرار وإظهار الشرعية فاشلة، وضعف أداء السلطات المحلية والحكومة اليمنية انعكس بشكل كبير على المواقف الدولية التي تبحث عن حل للمعضلة.
فالخيارات المتاحة في اليمن بين الحسم العسكري والسلام الهش والتقسيم، ولنبدأ في الحسم العسكري، حيث تتطلع السلطات الشرعية إلى تحرير باقي المناطق التي تخضع للميليشيات وعلى رأسها ثلاث مدن رئيسية، العاصمة صنعاء وتعز والحديدة، ووصول الرئيس إلى العاصمة عدن، ولقاءه مع قيادات عسكرية للمنطقة الرابعة وقيادات محور تعز، وصاحب نزول الرئيس تغيرات عسكرية في محاور العند والمنطقة الرابعة والتي تشرف مباشرة على تعز وجبهة باب المندب والتي تشرف على الخط الساحلي لتهامة.
وتسعى الشرعية إلى أن تبادر في التقدم العسكري في المناطق الوسطى وشمال الشمال، بعد أن تأكدت أن الانقلابيين لم يعد لديهم أي قدرة عسكرية في التمدد، تحاول أن تحتفظ بما تسيطر عليه من مناطق من أجل جولة مفاوضات مقبلة، وهذا ظهر واضحا عندما تمكنت المقاومة والجيش الوطني من تحقيق انتصارات هامه في تعز، حيث حشدت قبائل حاشد في مهرجان قبلي لتعبئة أكبر عدد من المقاتلين ورفدهم إلى جبهات القتال في تعز لدعم الانقلابيين التي انهارت قواتهم.
وتنتظر القوى الدولية تقدما ملحوظ اللشرعية في المناطق التي تخضع للانقلابيين وذلك لكي توقف الجهد السياسي على اعتبار ان الشرعية تتوجه إلى الحسم وبالتالي فان اليمن يتجه إلى الاستقرار وذلك بخروج طرف من المشهد والمؤشرات تتجه ضد الانقلابيين، لكن إذا استمر الوضع العسكري جامدا، فأن الجهد السياسي سيستمر، خصوصا أن القوى الدولية تراعي أهمية اليمن في خط الملاحة الدولية والمصالح الجيوسياسية في المنطقة وقضايا الإرهاب، وتعتقد القوى الدولية أن الإرهاب سيتوسع مع استمرار الحرب وانتشار السلاح والمعسكرات التي لا تتبع جهات رسمية، وبالتالي فان أي حل سيقلل من هذه المخاطر، وبالتالي فأن توافق الشرعية والانقلابيين على خريطة طريق لأنهاء الحرب سيساعد في استقرار نسبي، مطلوب للحفاظ على المصالح الأجنبية الهامة في المنطقة، لكن السلام في ظل هذا الصراع والاقتتال سيكون هشا خصوصا أن الانقلابيين يرتبطون بقوى خارجية تملك طموحات توسعيه كبيرة وهي إيران.
والخيار الثالث، وهو استمرار الحرب على غرار سوريا والعراق، وبالتالي احتمالات التقسيم شمالا وجنوبا أو أكثر، حيث ان استمرار الحرب سيدفع البلاد إلى الانهيار التام في الاقتصاد والبنى التحتية وزيادة في الانقسامات والتجمعات المناطقية والجهوية والتي بدورها تعزز من تمزق البلاد.
أخيرا فان اليمن، على مفترق طرق متساوية في الاحتمالات، ويبقى خيار الحسم العسكري هو الأكثر قبولا لأنه يحقق استقرارا بعيد المدى، وهذا يعتمد على مدى قدرة الشرعية في التعامل مع مجمل المشكلات الناتجة بسبب الحرب وإذا استمرت الشرعية في طريقتها الحالية في التعاطي مع الأحداث فأن الاستقرار سيكون بعيد المنال على مدى بعيد.

عن القدس العربي ..

إضافة تعليق
الأسم*
الموضوع*
نص التعليق*