• أحمد بدر
سبوتنيك ..الخطر الإعلامي الحقيقي
الاثنين 28 نوفمبر 2016 الساعة 14:57
أحمد بدر

عندما تدخل إلى "ستوديو" وكالة وإذاعة "سبوتنيك"، في مكتب القاهرة، وتنظر إلى أعلى مدخله، ستجد "اللمبة" الحمراء المعلقة، تحمل كلمة "على الهواء"، وبمجرد أن تجلس على مقاعد الاستوديو أمام الميكروفون، ستجد من خلفك العلامة الأشهر "سبوتنيك.. نكشف ما يخفيه الأخرون".
على الهواء".. و"نكشف ما يخفيه الآخرون".. عبارتان بارزتان، لن تمرا أبداً مرور الكرام على وعيك، طالما أنك قررت أن تكون فرداً في كتيبة صحفية مقاتلة، تعمل طوال الوقت على نشر الحقيقة، والبحث وراء كل معلومة، قبل أن تنشرها، ليكون كل خبر "على الهواء"، وليكون ما يخفيه الأخرون ويعتبرونه سراً أو قدساً، حقا لقارئ "سبوتنيك".
صدمنا بالطبع — كصحفيين ومذيعين ومهنيين — من قرار البرلمان الأوروبي، الذي اعتبر وسائل الإعلام الروسية مثل "سبوتنيك" و"روسيا اليوم"، خطراً على أوروبا، ولكن هذه الصدمة سرعان ما زالت، بعدما رأينا التقدير من جانب الدولة الروسية، التي عمد رئيسها "فلاديمير بوتين" إلى توجيه التحية إلى "سبوتنيك" وصحفييها، فكان ردا للاعتبار أزال كثيرا من علامات الاستياء، على الأقل في مكتب القاهرة.
ولكن هل نحن خطرون بالفعل؟ وما هي الخطورة التي تمثلها "سبوتنيك" على أوروبا، حسبما زعم البرلمان الأوروبي؟ ومن يملك أن يزج بالصحافة والإعلام المهني في خلافات سياسية؟
في الحقيقة لدي رغبة عارمة في أن أجيب على هذه الأسئلة بشكل واضح وكاشف وبالترتيب…
نعم، نحن خطرون.. وخطرون جدا جدا، والتاريخ يسجل أن الخطورة على أي أنظمة غير عادلة وغير واضحة وغير شفافة، وأي أنظمة دكتاتورية أو يديرها فاشلون، تكمن في الإعلام، لأنه هو الذي يستطيع أن يعيد للشعوب الوعي، وهو الذي يستطيع أن يوقظ الضمائر، وأيضاً هو الأقدر — من خلال نشر الحقائق — على إشعال الثورات، أو فضح أي ممارسات غير ديمقراطية أو أخلاقية أو حتى غير علمية.
و"سبوتنيك" تمثل خطورة حقيقية على كثير من دول العالم، فهي التي تفضح إلى أي معسكر تميل الدول الكبرى التي تدعي دعم الديمقراطية في العالم، ولكنها في الحقيقة لا تمنح دعمها إلا لكل صاحب رأي متطرف، ومن يحملون السلاح ضد كل من يخالفهم الرأي، أو بمعنى أدق، الدول التي تدعي التقدمية ولكنها لا تدعم إلا كل ما هو رجعي، وتدعي الحرية، بينما هي تدعم الإرهاب بكافة أشكاله وصوره.
كما تمثل "سبوتنيك" خطورة كبيرة على كل من يدعمون الأنظمة الفاشية في العالم، وكل من يعادون حرية الرأي والتعبير، وأيضا تمثل خطورة على كل من يرفضون القيم والمثل والمبادئ العليا، ويستبدلونها بأنماط من السلبية والانهزامية، فالحقيقة دائماً ينمو أعداؤها كلما ذاعت.
كل هذه الأمور أدركناها في "سبوتنيك" منذ اليوم الأول لعملنا فيها، فلم نعمل يوماً على ترويج شائعات باعتبارها حقائق، مثلما تفعل وكالات دولية ووسائل إعلام عالمية معروفة للقاصي والداني، ولم نعمد يوماً إلى تشويه الحقائق لصالح مصالح سياسية، ولم نفتقر يوماً إلى أدلة ووثائق تدعم صحة ما نستند إليه، سواء تسجيلات صوتية أو أوراق أو صور، وغيرها من وسائل دعم المصداقية لدى قارئ ومستمع "سبوتنيك".
بعد إعلان قرار البرلمان الأوروبي، بشكل مباشر، فوجئنا في "سبوتنيك"، بالقاهرة، بكم الدعم والتأييد من جانب الزملاء الصحفيين، أعضاء نقابة الصحفيين المصرية، وأعضاء وقيادات عدد من الاتحادات والتكتلات والحركات الصحفية في مصر والوطن العربي، بالإضافة إلى حركة "صحفيو الثورة"، التي تضم ما يزيد عن 500 صحفي عربي.
ولكن الأهم في موجة التأييد، هو الدعم المعنوي الذي حصلنا عليه من زملاء يعملون في وسائل إعلام أوروبية داخل مصر وخارجها، هؤلاء الذين تبرأوا من كل هجمة توجه إلى الإعلام الحر بناء على توجهات أو أزمات أو مواقف سياسية بين دول أوروبا بعضها البعض.
أحد الأصدقاء، وهو من العاملين في "وكالة بريطانية"، قال لي نصا: "أنتم تدفعون ثمن كونكم أحرارا يا صديقي، فنحن كصحفيين في وكالتنا، لا نستطيع أن نكتب عن سوريا أو اليمن أو إيران حرفاً واحداً من قناعاتنا، فهنا يجبروننا على تبني وجهات نظر معادية للجميع، ويفرضون علينا أن نحتفي في كل ما نكتب بأمريكا، التي يريدونها ملاكاً يقود العالم الحر إلى مزيد من الحرية، أنتم ربحتم احترامكم لأنفسكم واحترام العالم لكم.. نحن نحسدكم".
الزميل القدير "عماد الطفيلي"، أجرى منذ يومين حواراً مع مدير مركز "دال" للإعلام في لبنان فيصل عبد الساتر، الذي اعتبر أن قرار البرلمان الأوروبي بمواجهة الإعلام الروسي، الذي وصفت فيه وكالة "سبوتنيك" وقناة "آر تي" (RT) أو "روسيا اليوم"، بأنهما الأكثر خطورة، يأتي في سياق الحرب المتواصلة التي تشنها عدد من الدول الأوروبية بمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية.
وأوضح عبد الساتر، في حواره مع زميلنا، أن القرار مغاير لكل المبادئ التي ينادي بها الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية، والتي أتحفونا بها على مدار عقود طويلة بأنهم مع حرية التعبير والإعلام والرأي، إلا فيما يتعلق بالدول التي تعد في مواجهة مع ما يفعله هؤلاء على المستوى العالمي أو الإقليمي.
وأضاف "هذا القرار يأتي في سياق الحرب على روسيا، والمحور الذي تقوده روسيا، هي حرب سياسية وعسكرية وأمنية واقتصادية، والآن تتوج بحرب إعلامية، ولا أحد يعرف ما الذي يريد أن يصلوا إليه في نهاية المطاف، هل يريدون أن يكون الإعلام في أوروبا قالباً واحداً وشكلاً واحداً؟ أم ممنوع على الدول في الضفة الأخرى أن تكون في مواجهة الإعلام الذي تقوده أمريكا وتتبعها فيه بعض الدول الأوروبية".
ورغم إيماني — كصحفي في "سبوتنيك" — بأن هناك حربا بالفعل، إلا أننا — وزملائي- مستعدون تماماً لخوضها، ليس لأنها ضد روسيا التي نعمل في إحدى وسائلها الإعلامية، ولكن لأننا ندرك بالأساس أن هذه الحرب موجهة نحو الحقيقة، التي اعتبرنا أن ضمائرنا حارس أمين عليها، فنحن نخوض حرباً لكشف الحقيقة وحمايتها، ونخوض معركة تلو الأخرى، من أجل توصيل المعلومة للقارئ، الذي منحنا ثقته منذ البداية، وشرفنا بوقته منذ ضغط أزرار هاتفه أو حاسبه، ليفتح موقع https://arabic.sputniknews.com/، ليتعرف على "حقيقة" جديدة.
 

عن سبوتنيك الروسية .

إضافة تعليق
الأسم*
الموضوع*
نص التعليق*